January 15, 2008

شيء من احلامي ..... شيء من الحياة


بعد انتهاء جولتهما سوياً فى شوارع وسط البلد وقفت تتفرج على إحدى محلات المجوهرات الكبرى، لفت نظرها خاتماً رقيقاً ، إقترب منها ليرى لما لم تأتى لتركب معه السيارة ، فرآها تنظر لذلك للخاتم فنظر معها وأخبرها بأنه رقيق جدا..ه

.

ألتفتت لتذهب للسيارة فوجدته يمسك بيدها ليدخلا المحل ، إندهشت لتصرفه هذا .. فلا يوجد داعى ابدا لأن يشترى لها خاتماً .. دخلا المحل وطلب من الجواهرجى ان يحضر لها ذلك الخاتم ، آتى به وإرتدته وهى تشعر بفرح شديد ، فى حين طلب هو من الجواهرجى ان يأتى بطاقم كامل رقيق أيضا ، لم تنتبه لما طلبه من الجواهري كانت معجبة جدا بالخاتم .. اقترب منها هامساً: "حياكل من إيدك حتة !" .. إبتسمت فى حياء ولكنها سرعان ما اخفت هذه الإبتسامة لعودة الجواهرجى بعدة اطقم ثمينة للغاية

"ها تختارى انهى؟؟"ه

"بس ده كتير اوى .. ما كفاية الخاتم!"ه

"حتتعبينى انا عارف" .. اشاح ببصره عنها موجهاً كلامه للجواهرجى: "هناخد الطقم ده من فضلك!"ه

كادت تطير من الفرحة لا للطاقم ولا للخاتم .. بل لحبه الأثمن من كنوز الأرض ولو اجتمعت ، خرجا من المحل وهى تنظر للخاتم فى إصباعها وتسأله ضاحكة ً : "حلو عليا بجد؟؟"ه

لم يجيبها بل انحنى وقبل يدها فى وسط المارة فى الشارع ! .. يا الله ! لم تعد قادرة على النطق من فرط حبه لها

.

ذهبا للسيارة وبدأ هو فى قول دعاء الركوب وبدأت هي فى تشغيل الكاست ليسمعا القرآن .. هكذا تعاهدا ان يفعلا كلما استقلوا سيارتهم فيكون الطريق كله ذكر لله .. بدأ فى تشغيل المحرك وإلتفت إليها مداعباً:" قلتى دعاء الركوب ولا نسيتى زى كل مرة؟! ".. اجابته بإبتسامة تعنى انها قالت الدعاء

.

انشغل فى القيادة وترتيل القرآن مع المسجل بينما سرحت هي مع الشوارع والناس ، تاهت فى بحر اعماقها ، كان يعلو وجهها ابتسامة رضا هادئة ، تذكرت يوم زفافها عليه منذ عشر سنوات و كيف كانت فى منتهى السعادة لانها ستصبح زوجة له ، لم تكد تصدق انها حقا ستكون زوجة لمن هو اكثر بكثير مما كانت تحلم وتدعوا الله به ، تذكرت لحظات كتب الكتاب ونظراته لها وهو يمسك بإيد والدها ويقول مع المأذون ، وحينما دخلت بيتها معه وأول كلماته لها: "نورتى بيتك وحياتى يا عروسة ! ".. ضحكت كثيرا حينما تذكرت كم كانت تخجل منه

.

كانت اسعد زوجة معه ، كانت تحمد الله بعد كل صلاة على نعمة هذا الزوج وكانت تدعى الله بأن يقبض روحها وهو راضى كل الرضا عنها ، حاولت إسعاده بشتى الطرق ولكنه لم يكن يحبها .. بل كان يعشقها كل العشق ، مرت ايامهم معاً هكذا ولكن بلا أطفال ! .. لم يشاء الله ان ينجبا .. قاما بفحوصات كثيرة جدا ولكن كل مرة تخلص النتيجة على انه لا يوجد مانع لديهما من الإنجاب ولكنها مشيئة الله عز وجل

.

ذات يوم عاد من عمله مبكرا فوجدها تصلى بصوت مسموع ممزوج بالبكاء! .. وقف ينظر إليها متعجباً .. لم يكن معاد أى صلاة وهى لا تأخر الصلوات! ، شعر انها فى حالة قرب شديدة من الله فلم يشأ ان يخرجها من معيته ... فقط وقف لينظر ، انهت الصلاة واخذت تدعى وتجهش فى البكاء بأن يرزقهما الله الذرية الصالحة .. رفق بحالها فجلس بجوارها واخذ يأمن على دعائها وهو يبكى كطفل صغير حتى انتهت .. هدأت ولكنها لم تشعر بوجوده بجوارها فأخذ يربت على اكتافها .. ما ان رآته ينظر إليها والدموع فى عينيه حتى انفجرت فى احضانه بالبكاء من جديد

.

كانت تحبه بجنون .. لم ترا منه سوا الخير، كان يخاف عليها من اى شئ وكل شئ ..كان كريم معها فى حبه ومشاعره وماله ووقته .. كان على استعداد ان يقوم بأى شئ لإسعادها ، كان جنة الدنيا حقاً ، كبرا سويا وحصل على منصبا محترما جدا فى الشركة التى يعمل بها .. وهى اصبحت خبيرة فيما يحبه وما يكره ، تحفظه تماما .. كانت له الزوجة والأم والإبنة والعشيقة والصديقة وكل شئ .. ارتضت به عن الأبناء وهو ايضا لم يفكر ولو لثانية فى ان يبتعد عنها

.

ذات يوم كانت فى المطبخ تعد له الطعام قبل ان يآتى من عمله .. عاد يبحث عنها فى كل انحاء المنزل وينادى عليها بلهفة.. اخبرته بأنها فى المطبخ .. دخل عليها فرحبت به وقال لها: "ليكى خبر حلو عندى"ه

"يارب خير؟؟"ه

"ممممم .. اتحايلى عليا شوية"ه

"يوه بقا متبقاش غلس .. ايه؟؟"ه

"حنروح نحج!!!!"ه

ما ان نطق بهذه الجملة البسيطة الصغيرة جدا حتى وجدها كالمجنونة لا تصدق ما سمعت ، فهى تارة تصيح من الفرحة وتارة تبكى من عدم التصديق .. آخذت تقبله بشدة وتسأله بإلحاح: "إنت بتتكلم بجد؟؟؟؟"ه

.

.

على ظهر الطيارة نظر إليها وسألها: "مبسوطة؟؟"ه

"الحمد لله .. طول عمرى نفسى احج اوى بس فرحتى دلوقتى فرحتين ، الفرحة الأولى انى ححج والفرحة التانية انى ححج معاك .. بحب عبادتنا لربنا سوا اوى .. يارب ربنا يرزقنا الذرية الصالحة"ه

"آمين يارب .. ححبهم اوى تعرفى ليه؟"ه

"ليه؟"ه

"عشان حيكونوا حتة منك انتى .. ربنا يباركلي فيكى ويخليكى ليا"ه

.

.

ذهبا وكانت من اجمل الايام حقاً .. دعا الله كثيراً بالذرية الصالحة ولكنهم دعوا ايضا بأن يرزقهم الله الصبر والرضا على كل شئ .. تعلما فى رحلة الحج ان يكثرا من الإستغفار حتى ينعم الله عليهم بالذرية .. ومن يوم ان عرفا هذه الطريقة وهما لا يتركا الإستغفار ابدا

.
.

ظلت غارقة فى الذكريات ولم تفيق الا بعد ان ركن السيارة وشعرت بيده على وجهها وهو يمسح دمعة نزلت رغما عنها وهى تتذكر حياتهما سوياً .. سألها بقلق: "خير مالك في ايه؟؟"ه

ابتسمت واخذت يده تقبلها بحنان واقتربت من اذنه هامسة ً: "انا حامل!"ه

No comments:

Post a Comment

أحب الأيات
""قل ياعبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا""
"ألم يأن للذين اّمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله"